قراءة في المشهد الدولي والسلوك السياسي للإدارة الديمقراطية الأمريكية
كتب: عماد قاسم
قراءة في المشهد الدولي والسلوك السياسي للإدارة الديمقراطية الأمريكية :
_وكما يقول جورج اوريل في مضمون روايته الشهيرة "مزرعة الحيوان“أنهُ ما من شيء ساهم في إفساد المعنى الأصلي لمذهب الإشتراكية أكثر من الإعتقاد بأنّ روسيا بلد إشتراكي وأن كل فعل يصدر عن القادة السوفيات ينبغي تبريره، بل محاكاته..فإن هذا أيضاً ينطبق مع الإعتقاد السائد بأن أمريكا دولة رأسمالية بالمعنى المثالي وأن الديمقراطية فيها تُمثل حقيقةً القيم الليبرالية التي تعكس في جوهرها مبادئ الحرية والعدالة الإنسانية إذ يقوم نظامها الرأسمالي على أُسس إمبريالية مادية نقيضة تماماً لمضامين وقواعد العمل الديمقراطي في احترام القوانين والمواثيق الدولية وتعمل على الدوام بانتهاك سيادة وخصوصية مجتمعات الدول الأخرى بل ولا تزال هذه الدولة برموزها وقادتها السياسيين هي الرائدة في تجارة السلاح وإدارة الأزمات وتخليق الفوضى وهندسة الصراعات بكل مستوياتها وعلى كافة الصُعد!
يقول ناقد ومعارض أمريكي بأن الديمقراطية ستنتهي على أيد الديمقراطيين أنفسهم ، في إشارة إلى خطورة ما يبتدعة الحزب الديمقراطي من سياسات من شأنها تعزيز عوامل الضعف للأمن القومي الأمريكي وتغذية الخلافات السياسية في الداخل وتأزيم علاقاتها الدولية بالعالم الخارجي من خلال تمويل الحركات المعارضة ودعم حكم الأقليات وتعميق النزاعات البينية بين قوى ومكونات المجتمع الواحد تحت ذريعة حماية حقوقها السياسية ، وهو ما يتعارض مع مبدأ الانتخاب الديمقراطي في حكم الشعب واختيار من يحكمهم بفارق الأغلبية الجماهيرية لا بفارق الغَلَبة والقوة!
كيف يمكن ترجمة السلوك السياسي للإدارة الديمقراطية التي بَدَت عاجزة عن صياغة قرارات واضحة ومواقف وطنية وأُممية تجاه الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا والأزمة الدولية التي كانت أميركا طرفاً رئيسياً فيها!..
وكيف يمكن تفسير تراجع موقف الرئيس الأمريكي -جو بايدن- بخصوص تصريحة بأن الوقت تحيّن بضرورة تنحي الرئيس الروسي-فلاديمير بوتن- عن السلطة من التعبير الخطابي كممثل للدولة وموقفها السياسي إلى رأي ومشاعر شخصية عبّر فيها عن تعاطفة مع العائلات والشعب الأوكراني أثناء مشاهدتة الوضع الإنساني ونزوح الأطفال والسكان من المدن الأوكرانية..!
كيف تحوّلَت أميركا من حليف أساسي في الحرب الى جهة أو مؤسسة إعلامية وشاهد عيان ومحقق صحفي عن هذه الحرب!
هل تعاني الإدارة الأمريكية الراهنة من عجز سياسي في فهم وقراءة أولويات الصراع في المرحلة التنافسية واستيعاب المتغيرات الدولية المفاجئه لوضع رؤية عادلة وطرح حلول حقيقية للمعارك الجارية؟ أم أن الولايات المتحدة قد أبرمت مُنذ عهد الإدارة الجمهورية بقيادة الرئيس السابق(دونالد ترامب) عقداً خاصاً مع روسيا بهدف ضرب القوة الأسيوية الصاعدة ممثلةً بالصين ومصالحها المتنامية في أوروبا وأوكرانيا والتي كان بدأها الرئيس ترامب باتهام الصين والتضييق على أنشطة شركاتها الإقتصادية، مدركةً هذه الثنائية خصمها الحقيقي والإستراتيجي في النفوذ والهيمنة على النظام الدولي سيما وأن هناك توجه دولي اقتصادي مشترك بين أمريكا وبريطانيا ودول أوروبا لفتح سوق تجاري جديد في أفريقيا وعلى رأسها المغرب والجزائر ومصر يأتي بالتزامن مع تصاعد الحرب العسكرية وتعليق التبادلات التجارية وفرض عقوبات دولية ضد روسيا..؟!!
ما مستقبل الديمقراطية في أمريكا وإلى أين يتجة الحزب الديمقراطي في ظل الممارسات السياسية التي بدأت تتقاطع إتجاهاتة مع فلسفة اليسار الشيوعي في الضغط على المكونات السياسية والاجتماعية المحافظة واستحداث قيم مطاطية أكثر ميوعة؟!
وهل قيم الرأسمالية لآدم سميث في إقتصاد السوق تتفق مع سوق الإفتراس الأمريكي ومستنقع المزاحمة الرأسمالية في إملاء شروطها الإنتهازية وتقييد المنافسين ضمن القوانين والتشريعات الإجرائية المُجحفة؟!
لذا وبشكلٍ ما يُمكن القول بأن الديمقراطية والنظام الرأسمالي يمر في مرحلة فصامية شديدة بين الإلتزام النظري والشكلي للصيّغ القيمية والدعائية المعلنة والتحول للنظام الاشتراكي..!!