بطولة غرب آسيا: الاحتفالات بالفوز تجمع اليمنيين
كتب أنور العنسي*
كشف فوز منتخب الناشئين اليمنيين بكأس بطولة غرب آسيا مدى الاهتمام بالرياضة في اليمن وخاصة في أوساط الشباب.
وفي مشهدٍ غير مسبوق وبمظاهر غير تقليدية، بل وتلقائية، عمت احتفالات اليمنيين بهذا الفوز كل مدن اليمن دون استثناء رغم حالة التمزق السياسي جراء الحرب الضروس الدائرة على أرضه للعام السابع على التوالي.
وبلغت نشوة النصر ببعضهم حد إطلاق الذخيرة الحية في الهواء فضلاً عن الألعاب النارية وإيقاد المشاعل على أسطح البيوت وفي الطرقات.
مظاهر لافتة في اليمن والمهجر
يقول الكاتب والسياسي مصطفى نعمان: "لقد عبر اليمنيون عن فرحتهم بالخروج للاحتفال في شوارع المدن اليمنية، ونسوا في لحظة عابرة قصيرة كل أحزانهم وانكساراتهم المتتالية"، ويضيف أن "ما جرى في الشارع يتجاوز كثيراً كرة القدم إلى التعبير عن وحدة الشعب شمالاً وجنوباً دون حسابات مناطقية تافهة"
أما خارجياً .. فقد شهدت أماكن أخرى في العالم احتفالات مشابهة أحيتها الجاليات اليمنية فرحاً بهذا الفوز من بينها القاهرة وبعض مدن السعودية والخليج والولايات المتحدة وبريطانيا.
ولم يقتصر ابتهاج اليمنيين بهذه المناسبة على الشوارع، بل كذلك طال احتفالات ملايين العائلات في منازلها بما في ذلك بعض الأسر اليهودية اليمنية في إسرائيل وفي مناطق أخرى حول العالم، وذلك وفق ما ظهر من الصور والتعليقات المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي.
هل صنعت خلفية المنتخب مفارقة الفوز؟
ربما كانت الظروف الصعبة التي جمعت شتات هؤلاء اللاعبين الفقراء اليمنيين الموهوبين من مختلف مناطق البلاد المنقسمة هي الباعث على ذلك الفرح الذي يعود في جانب منه إلى حالة (التعاطف) مع حلم هؤلاء الناشئة في إعادة رسم صورة اليمن التي شوهتها سنوات الحرب.
بإجماع أغلب المحللين والمعلقين الرياضيين أمتع المنتخب اليمني للناشئين جمهور كرة القدم بتقنيات فنية أقرب إلى الاحتراف العالي، وبأداء تنافسي مثير للإعجاب ، رغم تواضع إمكانات إعداده وتدريبه لمثل هذا المستوى من المنافسات العالمية.
الأهم من هذا أن المنتخب استطاع بجهود ذاتية تكوين فريقه المتجانس بوعي رياضي تامٍ مترفع عن الاختلافات المناطقية والمذهبية والسياسية ، وأن يواصل مسيرته بإمكانات مادية شحيحة للغاية، وأن يقدم في النهاية إنجازاً أبهر حتى بعض مشجعي المنتخب السعودي على مدرجات ملعب الأمير محمد بن فهد في مدينة الدمام.
يقول خالد الرويشان وزير الثقافة الأسبق في واحد من تعليقاته :"من يعرف ظروف اليمن اليوم ، وظروف هؤلاء الفتيان تحديداً سيعرف لماذا نحتفل؟".
البعد السياسي للفوز
بما أن الرياضة أصبحت صناعة ينفق عليها بعض الدول مليارات الدولارات فإنها في الحالة اليمنية بدت إرادة تكاد تتحول إلى صناعة خاصة إذا تحولت مئات الآلاف من الدولارات التي يتوقع أن يكافئ اليمنيون بها لاعبي المنتخب إلى إعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع الرياضي التي دمرتها الحرب ، شريطة أن تتولى هذه المهمة قيادة منتخب
لفت الكاتب والصحفي الرياضي، عبدالله الصعفاني، الانتباه إلى ما يمكن اعتباره (الغُصَّة) الوحيدة لهذا الفوز بقوله:"مش عارفين في أي الشوارع سنطوف بهذا الكأس مبتهجين؟ ىوفي أي مدينة أو مبنى سينتهي المقام بهذا الكأس؟".
ولم تكد تعلن نتيجة المباراة بين منتخبي اليمن والسعودية للناشئين حتى سارع بعضهم من الساسة وقادة الأطراف المتصارعة إلى محاولة نسب هذا الفوز لصالحه.
بلغ الأمر حد النكاية بالسعودية من قبل بعض الأفراد، غير أن آخرين تساءلوا هل كان يمكن أن نشهد هذا العدد الضخم من المشجعين اليمنيين على مدرجات ملعب الدمام لو أن المباراة أقيمت في طهران؟".
وبعيداً عن هذا الغمز واللمز خلص الكاتب والباحث السياسي حسن الدولة إلى القول:" فوز فريق الناشئين لكرة القدم اليمني هو لعنة على كل من حاول أن يمزق اليمن ونسيجة الاجتماعي".
مؤكداً أن هؤلاء الفتية هم " من كل محافظات الجمهورية اليمنية وقد وحدوا كل مشاعر اليمنيبن، ولا تستطيع أي جهة رسمية تنسب هذا النصر لها بل هوللناشئين وحدهم فقط لا غير".
*بي بي سي